هل أحرق طارق سفن الحملة؟
تشير الرواية الإسلامية في هذا الموطن إلى واقعة جديرة بالتأمل والبحث؛ وهي واقعة قد يغلب عليها لون الأسطورة، وإن كانت مع
ذلك تعرض علينا في ثوب التاريخ الحق؛ تلك هي واقعة إحراق السفن التي نقل عليها طارق جيشه من الشاطىء الإفريقى إلى شاطىء الأندلس.
ونحن نعرف مما تقدم أن الكونت يوليان هو الذي قدم السفن التي ركبها العرب إلى الأندلس في بعثتهم الاستكشافية الأولى بقيادة طريف بن مالك، ثم في حملتهم الغازية بقيادة طارق. وهنا تذكر الرواية أن طارقاً ما كاد يعبر بجيشه إلى الشاطىء الأندلسي، حتى أمر بإحراق السفن التي عبر عليها جيشه، وذلك لكى يدفع جنده إلى الاستبسال والموت، أو النصر المحقق، ويقطع عليهم بذلك كل تفكير في التخاذل والارتداد. فما مبلغ هذه الرواية من الصحة؟ إن جميع الروايات الإسلامية التي تحدثنا عن فتح الأندلس لا تذكر شيئاً عن هذه الواقعة، ولا تذكرها الرواية الإسلامية إلا في موطن واحد، فقد ذكر الشريف الإدريسي في معجمه الجغرافي " نزهة المشتاق " عند الكلام على جغرافية الأندلس، أن طارقا أحرق سفنه بعد العبور بجيشه إلى الأندلس ، وقد نقلت بعض التواريخ النصرانية المتأخرة هذه الرواية عن الإدريسي فيما يرجح. وفيما عدا ذلك فإن جميع الروايات الإسلامية تمر عليها بالصمت المطلق.
حيث أن السفن كانت ملكاً للكونت يوليان، وفي أنها لم تكن تحت تصرف الغزاة في جميع الأوقات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق